أيام قليلة تلك التي تفصلنا على انعقاد المؤتمر السادس عشر للجبهة الشعبية و تحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب، مؤتمر الشهيد “امحمد خداد لحبيب”، و الذي يعقد تحت شعار “تصعيد القتال لطرد الاحتلال و استكمال السيادة” المزمع عقده بولاية الداخلة من 13 إلى 17 يناير 2023.
فالمؤتمر 16 للجبهة يعقد في وقت يختلف عن المؤتمرات السابقة نتيجة العودة للكفاح المسلح وما يتطلب ذلك حسبه من ميكانيزمات وأليات كفيلة بمواكبة المرحلة، فالمؤتمر الأخير الخامس عشر الذي تم عقده في 19 دجنبر 2019، بالمنطقة المحررة وما هي بمحررة، لأنه من المفروض أن تكون تحت رقابة وسيادة الأمم المتحدة، في حين تمرح فيها قوات جيش الإحتلال كيف شاءت و أرادت بمسيرات “درون” Les drones ، حيث أضحى الجيش العدو المغربي يراقب المنطقة بواسطة الأقمار الاصطناعية التي تحدد مكان قواتنا، فيتم قصفها من حيث لا تحتسب ولا تشعر.
وحيت نشيد بالتضحيات التي يقدمها مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي وهم يقارعون جنود الاحتلال على طول جدار الذل والعار و نترحم على أرواح شهداء شعبنا البررة، لكن لا يجب أن نغفل أنه هناك شبه إجماع على أن حقبة القيادة الحالية هي الأسوأ على مر تاريخ قضيتنا العادلة، لا من حيث اللحمة الوطنية بين مكونات القيادة أنفسهم، و بين الشعب و القيادة، و كذا من حيث الزخم الإعلامي و التضامن الدولي، فالتحكم المباشر في المخيمات و القيادة من طرف الجزائر، و غياب أغلب الزعماء عن الميدان، ووصول الخلاف بين الأجنحة المتطاحنة إلى مستوى عدم التنسيق في مواقف الجبهة، ليصبح الجهاز الذي نخاطب به العالم برأسين، وصار التنافس على الظهور الإعلامي السمة البارزة لتبني الإنجازات المفقودة، والتسابق على إعداد وتنظيم الندوات تحت مسميات متعددة، لا علاقة لها بالتنسيق المفترض دبلوماسيا، ومع غياب إبراهيم غالي عن المشهد العام اللهم بعد الخرجات الفاشلة، استفحلت الظاهرة ووصلت حدودا لا تطاق، وخير دليل غلى ذلك تقديم أبي بشرايا البشير السفير ممثل “البوليساريو” بأوربا استقالته بطريقة لم تعهدها القيادة، مجسدا بذلك انفصاله نهائيا عن وزارة الخارجية التي يديرها ولد السالك، وأصبح يتحرك بمعزل تام عنها، ويحاضر ويشارك في الإعلام بصورة منفردة، بل تخطاها لينظم الندوات والتظاهرات دون أي تنسيق مع أحد، لكن ما لم يكن متوقعا أن يخرج عن المعتاد.
فهل سيرقى المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو إلى مستوى الفعل والحدث؟، بتحضير العقل والرزانة، والتخلي عن العدمية و التعصب الذي لن يغير في الواقع شيئا، و هل نحن مقبلون على تغيير جذري في القيادة الفاشلة ومن يدور في فلكها؟، في ظل سياسة شد الحبل التي تعيشها ، و الصراعات التي أصبحت على لسان القاصي قبل الداني.
محمد سالم ولد امبيركات